الالتزام بالمعايير الدولية ونجاح المراجعة الداخلية

المعايير الدولية للمراجعة الداخلية

إنّ ضمان جودة عمليات التدقيق الداخلي يأتي عبر الالتزام بمجموعة من المعايير التي تتّصف بإنّها عالمية. لذلك فإنّ المعايير الدولية للمراجعة الداخلية تلعب دوراً كبيرا في عمل مكتب التدقيق الداخلي. حيث تضمن تلك المعايير اتّساق عمل المراجع الداخلي مع اشتراطات وضمانات جودة المراجعة الداخلية. كما تعمل أيضاً بمثابة الموجِّه والمرشد له في كل ما يمارسه من أنشطة.

في هذه المقالة سنناقش معكم تأثير معايير التدقيق الدولية على جودة عمليات التدقيق الداخلي، مع تسليط الضوء على الفوائد والتحديات والاستراتيجيات اللازمة للتنفيذ الفعال للمراجعة الداخليّة.

 

ما هو مفهوم المعايير الدولية للمراجعة الداخلية ؟

تحدد هذه المعايير المبادئ والإجراءات التي يجب على المدققين اتباعها عند إجراء التدقيق، والتأكد من إجرائها بالعناية الواجبة والاحتراف والموضوعية.

وهناك مجموعة من الجوانب الّتي تشملها المعايير الدولية للمراجعة الداخليّة تتعلّق بالوضوح والاتساق وقابلية المقارنة لعمليات التدقيق الداخلي على مستوى العالم.

ولقد أوضحنا في أكثر من مقالة على مدوّنة نخبة المحاسبون مراحل وإجراءات واستراتيجّيات التدقيق الداخلي. بينما هما نتحدّث عن أهمّ الجوانب التي تضمن جودة عملية المراجعة الداخلية والتي تمّ تطويرها من قِبَل مجلس معايير التدقيق والتأكيد الدولية (IAASB).

وبطبيعة الحال هناك قواعد ومعايير دولية منذ بداية عملية التدقيق الداخلي تتعلّق بالتخطيط وتقييم المخاطر. كذلك تقييم فعّاليّة الضوابط الداخليّة الموجودة بالفعل في المنظّمة عن طريق آليّات محدَّدَه. بالإضافة إلى معايير جمع الأدلّة الداعمة لنتائج المراجعة الداخلية. وصولاً إلى معايير إعداد التقارير الواضحة والدقيقة التي تقدّم التوصيات.
غير أنّ المعايير الدولية للمراجعة الداخليّة لم تغفل ضمان جودة أخلاقيّات المهنة والالتزام بها من خلال مجموعة من الضمانات والضوابط.

كيف تساهم المعايير الدولية للمراجعة الداخلية في تحسين جودة التدقيق الداخلي؟ 

سنكون في تلك الفقرة أكثر تفصيلا في توضيح كيفيّة مساهمة المعايير الدولية للمراجعة الداخلية في رفع جودة التدقيق الداخلي. ذلك لكي يضمن المراجع الداخلي اتّساق عمله مع المعايير العالميّة. بالإضافة إلى أن مكتب التدقيق الداخلي الأفضل يجب عليه مراعاة تلك المعايير ليكون منافساً لغيره.

وإليكم مجموعة المعايير الدوليّة الأبرز لضمان جودة المراجعة الداخليّة:

أولا: اتباع نهج موحّد للتدقيق الداخلي

ذلك لإنّ أحد أهمّ مقوّمات جودة المراجعة الداخليّة هي القابليّة للمقارنة بغضّ النّظر عن نوع النّشاط أو الموقع الجغرافي.

إنّ اتّباع نهج موحّد يجعل كل من له مصلحة في المنظّمة أو الشركة يستطيع مقارنة الآداء مع شركات أخرى للخروج بنتائج واقعيّة. سواءً كانوا مجالس إدارات أو مساهمين أو جهات تنظيميّة حكوميّة فالجميع يمكنه مقارنة الآداء مع الشركات الأخرى طالما كان هناك نهجاً موحّداً لعمليات المراجعة الدّاخليّة.

ثانياً: تحسين التخطيط

من خلال المعايير الدولية للمراجعة الداخلية يمكن القيام عمليات تدقيق أكثر تركيزًا وفعالية لتوفير ضمانًا أكبر لعمليات إدارة المخاطر في المنظمة.

ومن خلال الالتزام بتلك المعايير، يمكن للمراجعين الداخليين تحديد وإعطاء الأولوية للمناطق عالية المخاطر، وتخصيص الموارد بشكل فعال، وتصميم إجراءات التدقيق التي تعالج المخاطر المحددة التي تواجهها المنظمة.

ثالثاً: المعايير الدولية للمراجعة الداخلية لتقييم الضوابط الداخلية

توفر معايير التدقيق الدولية إرشادات مفصلة حول تقييم فعالية الضوابط الداخلية. ومن ثمّ يمكن للمراجعين الداخليين استخدام هذه المبادئ التوجيهية لتقييم تصميم وتنفيذ الضوابط، وتحديد نقاط الضعف في الرقابة، والتوصية بالتحسينات. كما يساعد التقييم الشامل للضوابط الداخلية المنظمات على التخفيف من المخاطر، ومنع الاحتيال، وتعزيز الكفاءة التشغيلية.

رابعاً: جودة أدلّة التدقيق

تحدد المعايير الدولية للمراجعة الداخلية المبادئ اللازمة للحصول على أدلة تدقيق كافية ومناسبة. حيث من خلال اتباع هذه المبادئ، يمكن للمراجعين الداخليين التأكد من أن استنتاجاتهم تستند إلى أدلة قوية وموثوقة، مما يعزز موثوقية وصلاحية نتائج التدقيق الخاصة بهم.

خامساً: وضوح وفعّالية تقارير المراجعة الداخليّة

توفر المعايير الدولية للمراجعة الداخلية إطارًا لإعداد تقارير تدقيق واضحة وموجزة تسلط الضوء على النتائج الرئيسية والمخاطر والتوصيات. بالتالي يساعد الالتزام بهذه المعايير المدققين الداخليين على إنتاج تقارير مفهومة وقابلة للتنفيذ، وقيمة للإدارة، والمجلس، والمساهمين.

 

سادساً: الاستقلال وأخلاقيات المهنة

السلوك الأخلاقي والاستقلال من المبادئ الأساسية للمراجعة الداخليّة. حيث تؤكد المعايير الدولية للمراجعة الداخلية على أهمية الحفاظ على الموضوعية والنزاهة والسرية طوال عملية التدقيق. ومن خلال الالتزام بهذه المعايير الأخلاقية، يمكن للمراجعين الداخليين الحفاظ على ثقة أصحاب المصلحة، وضمان مصداقية ونزاهة عمليات التدقيق التي يقومون بها.

 

كيف يتمّ تنفيذ المعايير الدولية للمراجعة الداخلية بشكل فعّال؟

هناك مجموعة من الاستراتيجيات التي إن قام بها مكتب التدقيق الداخلي سيضمن بذلك عملية مراجعة داخليّة فعّالة وتتّسم بالكفاءة.

فيجب على المراجع الداخلي أو مكتب التدقيق الداخلي أن يحثّ الإدارة العليا على دعم وتشجيع تبني هذه المعايير، وتوفير الموارد الماديّة والبشريّة والإرشادات اللازمة لتنفيذ تلك المعايير.

وبدورها، يجب على الإدارة في المنظمات وكذلك مكاتب التدقيق الداخلي المستقلّة توفير رامج تدريبية شاملة للمراجعين الداخليين. من أجل تعزيز فهمهم وتطبيقهم لمعايير التدقيق الدولية. ذلك بما يشمل ورش العمل والندوات عبر الإنترنت ووحدات التعلم الإلكتروني.

كذلك القيام بعمليات المراقبة والتقييم المستمرّين هما من أحد الاستراتيجيات الأساسية لنجاح تطبيق المعايير الدولية للمراجعة الداخلية بشكل فعّال.

ولا يقتصر أمر تطبيق المعايير الدولية للمراجعة الداخلية على الموظّفين في القواعد أو الإدارة الوسطى فقط. بل يجب إشراك أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك الإدارة ومجلس الإدارة والمدققين الخارجيين، في عملية التنفيذ.

إن تبني المعايير الدولية للمراجعة الداخلية له تأثير عميق على جودة التدقيق الداخلي. ومن خلال توفير إطار متسق وشامل، تعمل هذه المعايير على تعزيز فعالية ممارسات التدقيق، وتحسين إدارة المخاطر، وتعزيز الضوابط الداخلية. وفي حين توجد تحديات في تنفيذ هذه المعايير، يمكن للمنظمات التغلب عليها من خلال التزام القيادة والتدريب الشامل والمراقبة المستمرة وإشراك أصحاب المصلحة.

 

وفي نهاية المطاف، يساهم هذا الالتزام في تحقيق قدر أكبر من الشفافية والمساءلة والثقة في وظيفة التدقيق الداخلي، مما يؤدي إلى نجاح المنظمة وقدرتها على الصمود في بيئة عمل معقدة على نحو متزايد.

وفي عالم متجدّد ومتغيّر، وفي ظلّ عصر العولمة والذكاء الاصطناعي، أصبح لزاماً على كل مؤسسة وشركة تعمل في مجال المحاسبة والمراجعة أو حتى المراجع الداخلي المستقلّ ألّا يغضّ الطرف عن الالتزام بمعايير الدولية للمراجعة الداخلية حتى لا يتخطّاه الزّمن.


احجز استشارة