نظام الحوكمة في الشركات هو أحد أبرز العوامل التي تعزّز الآداء التنظيمي للشركات في بيئة الأعمال الحديثة. بالتالي فإن ممارسات الحوكمة الجيّدة يجب أن يتم اعتمادها في كل الشركات التي تسعة للنجاح والريادة.
وتساعد حوكمة الشركات في بناء الثقة مع المساهمين وأصحاب المصلحة، كما تعمل الحوكمة على تحسين عمليات اتّخاذ القرارات، بالإضافة إلى تحقيق الاستدامة طويلة الأجل.
هذا وبفضل جهود التنويع الاقتصادي في ظل رؤية المملكة 2030، فقد اكتسبت الحوكمة أهميّة كبيرة للغاية. لذلك سنوضّح في هذه المقالة كل ما تريدون معرفته عن نظام الحوكمة في الشركات ودوره في تحسين الأداء التنظيمي للمؤسسات بكل أنواعها ومجالاتها.
سوف تقرأ في هذه المقالة:
- شرح الحوكمة.
- مبادئ حوكمة الشركات.
- نظام الحوكمة في الشركات السعودية.
- أهداف الحوكمة وتأثيرها على الآداء التنظيمي للشركات.
شرح الحوكمة
إن أي هيكل تنظيمي لديه ثلاثة أنشطة رئيسيّة أو يمكن القول بأنّها ثلاثة معالم أساسية. تلك الأنشطة أو المعالم هي: السلطة، المسئولية، والقرارات.
هذا ويتوقّف نجاح المؤسسات على حسن إدارة تلك الأنشطة من حيث التحديد الدقيق لمن لدية سُلطَة ومدى نطاق تلك السُّلطَة، ومن يتحمّل المسئوليّة وأخيراً من بيده اتّخاذ القرار. وهذا هو جوهر نظام الحوكمة في الشركات، والّتي يمكن تعريفه بأنّه:
” نظام القواعد والممارسات والعمليات التي يتم من خلالها توجيه الشركة والتحكم فيها.”
وتشمل السلطة الآليات التي يمكن من خلالها محاسبة إدارات الشركات أمام المساهمين والمُلَّاك.
تلك الآليات التي تمكن الإدارة والمجلس من التعامل بشكل أكثر فعالية مع تحديات إدارة الشركة. كما وأنّ الهدف الأساسي لحوكمة الشركات هو ضمان عمل الشركات بطريقة شفافة وأخلاقية وفعالة، وبالتالي تعزيز نجاحها على المدى الطويل.
هذا ولا يمكن أن يعمل نظام الحوكمة في الشركات بمعزل عن البيئة المحيطة به سواء الاجتماعيّة أو السوقيّة أو التنظيميّة.
مبادئ حوكمة الشركات
إنّ نظام الحوكمة في الشركات يرتكز على خمسة مبادئ أساسية يجب على كل شركة تسعى للنجاح أن تعتمد عليها. وتلك المبادئ هي:
- أولاً: مبدأ المساءلة
وهذا المبدأ يضمن لأصحاب المصلحة والمساهمين في الشركة إمكانية سؤال الإدارة عن أفعالها وقراراتها. وكذلك نزولاً في المستويات الإدارية. حيث يضمن أيضا لمجلس الإدارة إمكانية مساءلة الموظفين والمديرين العاملين بالشركة.
- ثانياً: مبدأ الشفافيّة
وتعني الشفافية إمكان الكشف عن أي معلومات والإفصاح الدقيق السريع لها وفي الوقت المناسب. ويمكن لهذا الإفصاح الدقيق ان يكون داخلياً بحيث يمكن لمجلس الإدارة الكشف عن أي معلومات مطلوبة. كذلك يمكن أن يكون الإفصاح الذي يتّسم بالشفافية تجاه الجهات التنظيمية من قبل الشركة نفسها. ويضمن هذا المبدأ تعزيز الثقة في الشركة.
- ثالثاً: مبدأ العدالة
ويختصّ هذا المبدأ بالمساهمين في الشركة، وسواء كان هذا المساهم يمتلك حصة كبيرة في الشركة أو صغيرة فمن حقّه أن تتم معاملته بعدالة مطلقة.
- رابعاُ: مبدأ المسئوليّة
ويعبّر هذا المبدأ عن ضرورة تصرّف مجلس إدارة الشركة من وازع المسئوليّة الملقاة على عاتقهم لإنجاح الشركة وتطويرها. تلك المسئولية التي يجب ان يتم توجيهها فقط بما يخدم مصالح الشركة.
- خامساً: مبدأ الاستقلال
ومن النزاهة أن يمتلك مجلس إدارة الشركة الاستقلالية التامة في تسيير العمل واتخاذ القرارات بدون أي تأثير غير لائق وغير موضوعي عليهم.
نظام الحوكمة في الشركات السعودية
لقد قطعت المملكة العربية السعودية خطوات كبيرة في تعزيز إطار حوكمة الشركات. وقد نفذت هيئة السوق المالية لوائح وإرشادات لتعزيز ممارسات الحوكمة بين الشركات المدرجة. وتشمل المكونات الرئيسية لإطار حوكمة الشركات السعودي ما يلي:
- لوائح حوكمة الشركات: تحدد هذه اللوائح المبادئ وأفضل الممارسات التي يجب على الشركات الالتزام بها، وتغطي مجالات مثل تكوين مجلس الإدارة وحقوق المساهمين ومتطلبات الإفصاح.
- قانون الشركات: يحكم قانون الشركات السعودي تشكيل الشركات وإدارتها وحلها في المملكة، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بحوكمة الشركات. رؤية السعودية 2030: تهدف مبادرة رؤية 2030 إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتعزيز النمو المستدام. وتعتبر ممارسات الحوكمة الجيدة ضرورية لتحقيق هذه الأهداف.
أهداف الحوكمة وتأثيرها على الآداء التنظيمي للشركات
إنّ أهداف الحوكمة في جوهرها هي فوائد عظيمة لا يجب أن تتغاضى عنها الشركات التي تهدف إلى الاستمرارية والنجاح على المدى الطويل. وسنوضّح لكم بشكل أكثر تفصيلا هذه الأهداف التي تعم بالفائدة على الشركات.
- تحسين عملية اتخاذ القرار: تعمل قواعد حوكمة الشركات على تعزيز عمليات اتخاذ القرار المستنيرة والموضوعية. وتضمن حوكمة الشركات لكل من المديرين واللجان المستقلون اتخاذ القرارات بما يخدم مصالح الشركة وأصحاب المصلحة فيها على أفضل وجه، مما يؤدي إلى نتائج أفضل على المدى البعيد.
- تحسين المساءلة والإشراف: حيث تعمل آليات نظام الحوكمة في الشركات مثل عمليات التدقيق وإدارة المخاطر والضوابط الداخلية على تعزيز المساءلة والإشراف. وهذا يقلل من خطر الاحتيال وسوء الإدارة والمخالفات المالية، مما يساهم في استقرار الشركة ويعزز سمعتها.
- زيادة ثقة المستثمرين: تعمل ممارسات الشفافية والإفصاح على بناء ثقة المستثمرين من خلال تقديم صورة واضحة عن الصحة المالية والأداء المالي للشركة. ويمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة احتمالية الوصول إلى أصحاب رؤوس الأموال وبالتالي شروط تمويل أفضل.
- إدارة المخاطر: تمكن ممارسات الحوكمة الجيدة الشركات من تحديد المخاطر وتقييمها والتخفيف منها بشكل فعال. كذلك يساعد إطار إدارة المخاطر القوي الشركات على التعامل مع عدم اليقين وحماية أصول الشركة وسمعتها.
- الكفاءة التشغيلية: يشجع نظام الحوكمة في الشركات على تبني أفضل الممارسات والعمليات الفعّالة. بما يؤدي إلى توفير التكاليف وتحسين تخصيص الموارد وتعزيز الأداء التشغيلي.
- الاستدامة طويلة الأمد: تساهم ممارسات الحوكمة التي تعطي الأولوية للسلوك الأخلاقي والمسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة البيئية في نجاح الشركة على المدى الطويل. كما تتوافق هذه الممارسات مع توقعات أصحاب المصلحة والمتطلبات التنظيمية، مما يعزز صورة الشركة الإيجابية.
إن نظام الحوكمة في الشركات هو عملية ضرورية لتعزيز الأداء التنظيمي للشركات السعودية. حيث من خلال تعزيز المساءلة والشفافية والسلوك الأخلاقي، تعمل ممارسات الحوكمة على بناء الثقة مع أصحاب المصلحة وتحسين عمليات صنع القرار والمساهمة في الاستدامة طويلة الأجل. وفي ظل وجود تحديات مستمرّة، فإن تبني أفضل الممارسات وتعزيز ثقافة الحوكمة يمكن أن يساعد الشركات السعودية على التغلب على هذه التحديات وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. ومع استمرار المملكة في جهودها لتنويع الاقتصاد في ظل رؤية 2030، فإن أهمية الحوكمة القوية للشركات سوف تنمو فقط، مما يجعلها محركًا رئيسيًا لنجاح الأعمال والنمو الاقتصادي للمملكة.